الشيخ العلامة عبدالمحسن العباد -حفظه الله-:
السؤال: هناك من يتكلم في مرويات أبي هريرة رضي الله عنه بسبب تأخر إسلامه، فما قولكم في هذا؟
الجواب: ما يتكلم في مرويات أبي هريرة، لكونه تأخر إسلامه إلا أهل البدع أو أهل الهوى، وإلا فإن الصحابة رضي الله عنهم والأمة قد قبلت مروياته، بل أكثر السنة من مروياته، وأكثر الأحاديث من مرويات أبي هريرة رضي الله عنه وأرضاه، والمعروف أن الذين يقدحون به هم أهل البدع, مثل: الرافضة الذين يكرهون أبا هريرة ويكرهون غيره من الصحابة، ولهذا يأتون بمثل هذا الكلام السيئ, وهو كون أبي هريرة متأخراً إسلامه وغيره من كبار الصحابة مثل أبي بكر , وعمر , وعثمان , وعلي أقل منه حديثاً مع أنهم من أول من أسلم، ما علموا أو علموا ولكنهم تجاهلوا بقصدهم السوء والإفساد والتشويش.
ومن المعلوم أن أبا هريرة رضي الله عنه وأرضاه فيه عوامل عديدة جعلت حديثه يكثر، وجعلت الناس يأخذون عنه كثيراً؛ أولاً: من ناحية تحمله، لكونه لازم الرسول صلى الله عليه وسلم.
أما من ناحية كثرة الرواية عنه فكونه في المدينة، وكونه عاش مدة طويلة؛ لأنه في حدود الستين كانت وفاته، يعني: عاش بعد الرسول صلى الله عليه وسلم حدود الخمسين سنة، أما أبو بكر, وعمر, وعثمان, وبعض الصحابة الذين هم أقل حديثاً منه فقد كانت وفاتهم متقدمة، ثم فيهم من كان مشغولاً بالولاية، ومشغولاً بالخلافة، وأما أبو هريرة رضي الله عنه فما عنده إلا الأخذ والإعطاء، وعنده التحمل والتحميل، ثم كونه عاش بالمدينة، والمدينة الناس يأتون إليها، يردون ويصدرون، وإذا جاءوا يأتون لأصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم في المدينة وأبو هريرة موجود في المدينة، فهذا من أسباب كثرة الرواية عنه وكثرة حديثه.
والذي يتكلم فيه لا يضر أبا هريرة ، وإنما يضر المتكلم، وكما يقولون: كم من كلمة قالت لصاحبها: دعني، فالإنسان يتكلم بكلمة وكان ينبغي له ألا يتكلم بها، وكأن الكلمة تناديه وهي تقول له: دعني قبل أن ينطق بها؛ لأن النطق بها ليس بحسن، والرسول صلى الله عليه وسلم كان يقول في الحديث الصحيح: (من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيراً أو ليصمت) .
والحافظ ابن حجر رحمه الله لما ذكر كلام بعض الحنفية المتعصبين الذين تكلموا في حديث المصراة من أجل أنه من حديث أبي هريرة ، قال: وقائل هذا الكلام ما ضر إلا نفسه، ثم نقل عن أبي المظفر السمعاني في رده على أبي زيد الدبوسي فقال: إن القدح في أحد من الصحابة علامة على خذلان فاعله.
[شرح سنن النسائي - كتاب الطهارة]

ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق