سلسلة مُخْتَارَات مِنْ شَرْحِ رِيَاض الصَّالِحِين - للعَلَّامَة محمد بن صالح العثيمين - غَفَرَ اللهُ لَهُ وَرَحِمَهُ .
الـــعَـــــدَد رَقَـم :( ٤ )
ــــــ ﷽ ــــــ
وَلِـــهَــذَا أرَىٰ : أنَّ الَّـذِينَ يُسَافِـرُونَ إِلىٰ بَـلَـدِ الـكُـفْــرِ مِـنْ أجْـلِ السِّيَاحَةِ فقط ، أرَىٰ أَنَّـهُـم آثِـمُـون ، وأنَّ كُـلَّ قِـرْشٍ يَـصْـرِفُـونَـهُ لِــهَــذَا السَّـفَــرِ ؛ فَإِنَّهُ حَــرَامٌ عـلـيـهـم ، وَإِضَاعَـةٌ لمالهم ، وَسَيُحَـاسَـبُونَ عنه يوم القيامة ؛ حين لا يَـجِـدُونَ مَـكَـانًـايَتَـفَـسَّـحُـونَ فيه ، أو يَتَنَزَّهُونَ فيه ، حين لا يَجِدُونَ إلَّا أعْــمَــالَــهُــم .
لِأَنَّ هَــؤُلَاءِ يُـضَـيِّـعُـونَ أوقَاتَهُم ، وَيُتْلِفُونَ أموالَـهُـم ، وَيُفْسِدُونَ أخْـلَاقَـهُـم ، وكذلك رُبَّـمَـا يكون معـهم عوائلهم .
وَمِنْ عَـجَـبٍ أنَّ هَــؤُلَاءِ يَـذْهَـبُـونَ إلىٰ بلاد الكفر ؛ التي لا يُسْمَعُ فيها صَوْتُ مُـؤَذِّنٍ ، ولا ذِكْـرُ ذَاكِـرٍ ، وإنما يُسْمَـعُ فيها أبْـوَاق اليهودِ ، ونَوَاقِيس النَّصَارَىٰ ، ثم يَبْقـونَ فيها مُـدَّةً هم وأهلوهم وبنوهم وبناتهم ، فيحصلُ في هذا شَـرٌّ كَـثيرٌ ، نَسْأَلُ اللهَ الـعَـافِـيَـةَ وَالـسَّـلَامَـةَ .
وهذا من البَـلَاءِ الَّـذِي يُحِلُّ اللهُ به النَّــكَــبَـات والنَّـكَـبَات التي تأتينا ، والتي نحنُ الآن نعيشها كُـلُّـهَـا : بِسَبَبِ الـذُّنُوبِ والمعاصِي ، كما قال اللهُ تعالىٰ :﴿وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ ﴾ نحنُ غَـافِـلُـونَ ، نحن آمِنُونَ في بلادِنَا ، كأنَّ رَبَّنَا غَـافِـلٌ عَـنَّـا ، كأَنَّهُ لا يَـعْـلَـم ، كأنَّهُ لا يُمْلِي للظَّالِم حتَّىٰ إذَا أخَـذَهُ لم يُـفْـلِـتْـهُ .
والنَّاسُ يُـعْـصَـرُونَ في هَـذِهِ الحَـوَدِاثِ ، وَلَـكِـنَّ قلوبَـهُـم قَـاسِـيَـةٌ والـعِــيَاذُ بِاللهِ ! وقد قَالَ اللهُ سُبْحَانَهُ :﴿ وَلَقَدْ أَخَذْنَاهُمْ بِالْعَذَابِ فَمَا اسْتَكَانُوا لِرَبِّهِمْ وَمَا يَتَضَرَّعُونَ ﴾ أخْـذَنَـاهُـم بِالـعَـذَابِ ، وَنَـزَلَ بِـهِم ، وَمَـعَ ذَلِكَ ما اسْـتَـكَــانُوا إلىٰ اللهِ ، وما تَـضَـرَّعُـوا إليه بِـالــدُّعَـــاءِ ، وَمَـا خَـافُـوا مِـنْ سَـطْـوَتِـهِ ، وَلَـكِـنْ قَسَتِ الـقُـلُـوبُ - نَسْأَلُ اللهُ الـعَـافِـيَـةَ - وَمَـاتَـتْ ؛ حَتَّىٰ أصْبَحَتِ الـحَـوَادِثُ الـمَـصِـيـرِيَّـةِ ، تَــمُــرُّ علىٰ الـقَـلْبِ وَكَـأَنَّــهَــا مَــاءٌ بَــارِدٌ ، نَـــعُـــوذُ بِاللهِ مِـن مَــوْتِ القَلْبِ وَقَــسْـوَتِـهِ .
[ جــــ : ١ / صــــ : (٢٣ - ٢٤) ]
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق